الملم:
هو راعي البيت الذي اتفق الطرفان المتخاصمان على الالتقاء عنده للتداول في قضيتهما وحصرها
في نقاط محددة. وقد تحل القضية عن الملم ويتراضى الطرفان. والملم يجب أن يكون على معرفة تامة بالقضاء البدوي. وينور الطرفين ويحاول إقناع من رأى أنه على ضلال ويهديه إلى الطريق القويم. والملم مشهود له بالنزاهة والعدالة أما إذا اختلفت على تحديد الملم وكان الطرفان من قبيلة واحدة يعدون الملام الثلاثة لأنه معروف أن لكل قبيلة ثلاثة ملام يعدف كل طرف واحد فيذهبان عند الملم الثالث الذي لم يعدف. والملم لا يغرم ولا يجرم بل تبحث عنده القضية وتقرم.
وقد يتقاضى الطرفان عند الملم إذ يقول أحدهما<<هذه رزقه مشروي( أي بيع وشراء) عند راعي البيت في كل ما يهمني. ويدفع الطرف الثاني رزمة مقابلة ويتقاضى الطرفان بعد تعيين كفيل كل منهما ليكفل الحق وإيفاءه الذي يصدره هذا القاضي.
وفي الظروف العادية يلتقي الطرفان عند الملم وكل مصطحبا كبيره أو رجلا ناطقا باسمه يسمى <<لسانا وهو بمثابة المحامي. وقد يقول أحدهم لآخر بينهما طلابة: لا قيني عند القاضي فلان وإن ما لحقت عليك الشيء الفلاني أفك رزقتك وأشيل القالة والثقالة>> (أحمل الملامة وما يترتب على ذلك من أعباء).
الحصى:
دفن الحصى: هو الإنفاق على التقاضي بشأن قضية محدودة, وبحضور صاحب البيت (الملم) قد يمسك الطرف المبدي حصاة من الأرض ويقول: << وداعتك ياراعي البيت أنا متهم فلانا بالقضية الفلانية وهذه حصاتها>> (ويدفن الحصاة في الأرض) ودي يسلمني رسنه حتى آخذ حقي منه عند أهل العلم>> (القضية إلى الملم للتأكيد من أمر ما. وصاحب البيت وهو الذي عنده مدفن الحصى أو مربط العلم وقد يقول الطرف الثاني: هذا طرفي (ويمسك بطرف عباءته أو ثوبه أو عمامته)<<في الحق الذي تلحقه علي بشأن القضية الفلانية>> ودفن حصاة كذلك للدلالة على حصر القضية في ما تحدث عنه فقط.
2. قرط الحصى: أي رميها وهو لإخراج قضية فرعية عن القضية الأساسية أو تحييدها وتأجيل البحث فيها مؤقتا والرجوع إليها لاحقا.
فإذا اعتدى رجلان على آخر وطالب أحدهما بالمثول عند راعي بيت, يقول هذا الرجل في بيت الملم.
أنا أسلمك رسني لأعطيك حقك فيما بدر مني أما فلان فلا شأن لي به وهذه حصاته (ويلقي بحصاة بعيدا). أو يقول المدعي نحن بصدد بحث القضية الفلانية فقط أما باقي الأمور فهذه حصاتها
(ويرمي حصاة جانبا) وكأنه يحدد قضية خاصة ويلقي ما عداها جانبا لنبحث مستقبلا أو تهمل أو تحيد مؤقتا.
الخط:
بعدما تحدد القضية وتحصر بخط المبدي عليه ثلاثة خطوط بالسبابة الوسطى والبنصر ويقول: هذا لك ثلاثة كبار (ويعد أسماء ثلاثة قضاة) في الذي تلحقه علي فإذ رضي الطرف الثاني بالقضاة يصار إلى العدف وإذا لم يرض يتداول الطرفان بحضور الملم في القضاة. وقد يتقاضى الطرفان في تحديد القضاة الخاصين بحل المشكلة. وإذا كان الطرفان المتخاصمان من قبيلتين مختلفتين يخطان ثلاثة قضاة مختلفين يكون قاضيان من قبيلتي الطرفين والثالث من قبيلة أخرى محايدة.
العدف:
ومعناه في اللغة الأكل وهو هنا يتخذ معنى مجازيا إذ بعدما يخط المبدي عليه ثلاثة خطوط ويسمي القضاة يعدف المبدي و واحد يختاره ويتوخى فيه العدالة والإنصاف ليعود إليه إذا ما شعر أنه قد غبن عند القاضي الأول, ويعدف الطرف الثاني قاضيا ويبقى الثالث حيث يضرب الطرفان موعدا للتقابل عنده ويعينان كفيلي (إجماع وإحضار) ومن يتخلف عن الحضور عن الموعد المحدد عد (مفلوجا) أي خاسرا, ويحق لأحد الطرفين رفع الميعاد (موعد التقاضي) لمدة ثلاثة أيام وأكثر ولا يحول دون الحضور سوى ثلاثة حوائل المطر والسيل المرض الشديد والموت حجز الدولة.
كل هذا يحدث بحضور الملم ويكون مسؤولاً عما دار في بيته من نقاش وتحديد للقضية ويرجع إليه القضاة للبت في أمر قد يتنازع عليه الطرفان لاحقا القاضي والملم مصدق وقوله هو الفصل.
أما إذا اتفق الطرفان المتخاصمان على الذهاب إلى التقاضي بدون ربط علم ودفن حصى عند الملم بل اكتفيا بالإجماع عند رجل عادي لم يشهداه ويودعاه ما جرى واختلفا عند القاضي فيما ربطاه من علم يحيل القاضي الطرف المكذب إلى هذا الشاهد الذي سمع ما دار أمامه فيكون القاضي في الصورة الحقيقية لما جرى فالذي سمع ربط العلم بدون شكل رسمي يحتاج إلى تطبيقه خاطر, أما راعي البيت (الملم) الذي كان على علم في تحديد القضية وشارك في صياغتها لا يحتاج إلى شيء وهو ملزم عرفيا بإعلام القاضي بالحقيقة إذا ما احتيج لذلك.
قد يتفق الطرفان المتنازعات من نفسيهما أو من عند ملم للتقاضي أمام قاض واحد على أن يرضيا بحكمه ويطلقون عليه اسم واحد وحيد, وغالبا ما يتم هذا الأمر لمعالجة القضايا العاجلة. ويكون حكمه ملزم التنفيذ.
قد يذهب الطرفان لقاض ويبحثان قضيتهما عنده بقولها <<نحن عندك اليوم من أجل التقاضي بشأن القضية الفلانية وإخوانك في لسانك>> فيذكر هذا القاضي اسمي قاضيين آخرين يعدف كل طرف واحد منهما ولا يجوز عدف القاضي الحاضر(راعي البيت) وفق القول المشهور(الرجال ما تنعدف) إذ ليس من اللائق الذهاب للتقاضي عند قاض غائب بعيد وترك هذا القاضي الحاضر, أما إذا لم يعجب الحكم أحد الطرفين فمن حقه أن يطالب القاضي بإسناده إلى القاضي الذي عدفه وسنفي هذا الأمر حقه لاحقا.
إذا جاور رجل غريب قبيلة وحدث بينه وبين أحد أفرادها نزاع يحق لهذا الغريب أن يطلب من غريمه أن يلاقيه عند ثلاثة قضاة من ثلاث قبائل (عند ثلاثة كواكب) إن خشي أن لا ينصفه قضاة القبيلة التي جاورها.