في حدود ١٨٦٠م / 1277 هـ : تقريباً كان ذوي رشيد من ذوي مسلّم من الفراحين من مساعيد شمال الحجاز يتواجدون بالطور في سيناء بمصر لقلة سبل العيش في ديرتهم الرئسية بشمال
الحجاز وكانت لهم ذلول تسمى ( الحرشا ) وصاحبها هو مبارك بن حسين من ذوي رشيد
وكانت الذلول ترتع وتسرح بخبت المساعيد بدون راعي وطمع فيها قوم وقاموا بنحرها وتقطيع لحمها
وإعطاء قدر من اللحم إلى رجل مسن أعمى منهم ، يسكن المنطقه فقال لإحدى بناته أرجعيه إلى القوم فإذا سُئلت عنه قولي
أنه توجد به ريحة عفانة ، وقد أعطوا قدر آخر إلى رجل من المساعيد فأخذه وطبخه وأكله ،
وقام القوم الذين نحروا ( الحرشا )
بطبخ لحم الحرشا وأكلها وبعد ذلك أقاموا لعبة الرفيحي دون المخافه من الله أو تقدير لحسن الجوار وعلم بهذه القصة جميع من يقطن المنطقه
وأغاظهم هذا الفعل المشين ،
وقال الشاعر محمد بن سالم الذيباني الحويطي هذين البيتين لعل الخبر يصل إلى اصحاب ( الحرشا ) بالطور
قولوا لراعي الحرشا يزين دقنه
ويحط في دقنه سبيب حماره
أن كان ماطلع خوير الحرشا
يبيعوا الأبل ويسيروا عياره
فلما سمعوا اصحابها هذا البيتين في وصف نحر ( الحرشا ) اجتمع كلٌّ من مبارك بن حسين ابن رشيد
وحمدان بن موسي الدوّ وسليم بن سلمان أبو جرير وسالم بن حسين المحرول وإعمر بن مبارك ابن رشيد وجلهم من ذوي مسلم من الفراحين
وقاموا بالتخطيط والمجيء إلى قيال لأخذ الثار من ذبّاح ( الحرشا ) وبعد ثلاثة أشهر تقريباً وصلوا قيال وتقصوا أخبار القوم
وعلموا بأنهم في خطار الى فلسطين وقرروا الذهاب إلى البدع وضافوا عند محيسن بن عيد اللبيدي المسعودي بأعلى خشم البرج ،
وقاموا بمعاينة الطرق التي سيسلكوها عند عودتهم حتى يتم التخطيط لذلك ، ثم توجه أصحاب الحرشا وضافوا عند علي بن سالم جريبيع من البحيرات من المساعيد
وبعد العشاء ذهبوا وكمنوا بالصورة بمدخل البدع من جهة الشمال وعند قدوم القوم أحسوا أن هناك شيء ينتظرهم بالصورة فصاح أحدهم ليتنبه القوم
وكان سلاح الفراحين السلاح الابيض ( السيف ) ،
فقاموا بالالتفاف على القوم حول الصورة مما نتج عن ذلك خطأ ارتكبه سالم المحرول بجرح رفيقه سليم أبو جرير
وفي الحال أكملوا الالتفاف على القوم وحاصروهم وأمسكوا بذباح الحرشا وقاموا وقطعوا لحمه ( قطع صغيرة )
حتى يكون عبرة لغيره وتركوه يتخبط بدمه متأثراً بجراحه ثم أصابوا ابنه وكسروه وفرّ الثالث ،
وغادروا المكان للبحث عن الشخص الذين أكل من قدر اللحم وتم اللحاق به في فلسطين ثم قاموا بقطع اذنه جزاء له،
وكان هناك رجل كبير بالسن من الجغاغمه وهو من المساعيد يسكن قريباً من الصورة التي وقعت بها الحادثه
وعند الصباح وجد الرجل المصاب وبنى عليه البيت وقام بمعالجته
لمدة ستة اشهر تقريباً ولم يفلح الجغام المسعودي بعلاجه ومات الرجل متأثر بإصابته ،
وبعد سنه تقريباً من الحادثه أرسل جماعة الرجل المقتول مرسال يطلب الحق من الفراحين
الذين قتلوا الرجل عند القاضي العرفي بسيناء أنذاك وهو حميد بن عقيل الصوفي الترباني وكان قاضياً مشهوراً ومشهود له بالعدالة
وعند وصول المرسال أرسل القاضي الى الفراحين وحدد موعد القضوة وعند حضور الفراحين عند القاضي تكبرهم مبارك بن حسين ابن رشيد صاحب ( الحرشا )
وبعد تقديم الرزق ووضع كفيل لكلٍّ منهم أدعى الخصم في حجته بقوله
وشلك يا قاضي العرب وفكاك النشب بالابل الهمال اللي تروم مع الجبال ويوم أخذها ونحرها رفيقي يحسب انها من الطير الغريبي وهي يا القاضي تسرح مع
الطير المخوي والذيب المعوي وصارت علينا حريبة وغريبة وش تقول يا قاضي في ذبح الرجل وكسر ابنه مقابل الحرشا وهذي حجة الرجل البليم عند القاضي الفهيم
واحتج ابن رشيد بقوله ( وشلك يا قاضي يوم جيتك هدي قدي ولا تنقضي الحاجات الا بالصلاة على النبي وشلك في الابل اليهود
اللي بعرها وقود ووبرها يدفي بالليالي السود
وش تقول في اللي أخذها من مفلاها ووداها إلى مهفاها (الهلاك يعني النحر)اللي بطنها باع وسمنها ذراع ملحقة الطلب ومنذرة العرب وقام عليها
ونحرها وأكل لحمها وقمت عليه وذبحته وقطعت لحمه مثل تقطيعه لحم الحرشا وأنا أنشدك يا قاضي أن تحط سهيل بين عيونك
والجدي بين متونك حيث إني أجرّمه وأغرّمه بالمهافي والمسافي وهذي حجة الرجل البليم عند القاضي الفهيم
حكم القاضي : في نحر الحرشا
فيكم من ذكر الله وصلّى على النبي
( أنا أقول حق ذبح الرجل أربعين وضحى أولها درور وآخرها دحور وجمل أوضح أن نغزته يقوم وأن ضربته يزوم وحق الرجل المكسور عشرون رباعية )
وأقول حق الحرشا ( أن الابل اللي وسمها على خشمها وترتع مع الطير المخوي والذيب المعوي
أنا اقول من أخذها من مفلاها حتى وداها إلى مهفاها كل خطوة لها برباع من الإبل والسكين التي ذبحت بها رباع
من الابل وذنبها رباع من الابل ووسمها رباع من الابل وسنامها رباع من الابل وسطح كرشها رباع من الابل والقدر التي طبخت به رباع من الابل وأثناء سرد حق الحرشا
صاح الخصم وقام بوضح يديه على فم القاضي لإيقافه
وقال دخيلك يا قاضي لقد تجاوز حق الحرشا دية الرجل وكذلك المكسور فردّ القاضي وقال هذي الحرشا
والله لأخلي حقها نارٍ تحرّق
وسيلٍ يغرّق حتى لا أحد يجرؤ على المساس بأي حلال بالمراعي فقال القاضي دام استثقلت حق الحرشا
فيكون كريم في كريم أي يضيع دم الرجل مقابل الحرشا فوافق الخصم على هذا الحكم وطلب القاضي كفيل على ألتزامه بهذا الحكم
وأحضر كفيل بذلك ) وأشتهرت هذه القصة حتى أنه في السابق كانت هناك مقولة دارجة عند الحضر بضبا ويقولون عند غيظهم على البعض روح
( والله لأخليها عليك مثل لحم الحرشا )